الإحساس هو ذلك الشعور الدافئ الذي يربطنا بالآخرين، يجعلنا نفهم دون كلمات، ونشعر بما لا يُقال. إنها هبة فطرية تمنحنا القدرة على التعاطف، الحب، والإدراك العميق لمشاعر من حولنا. من يملك هذه الهبة يرى العالم بعيون القلب، فيجد الجمال حتى في أبسط الأشياء.

دعونا نتحدث عن الكتاب الرائع "هبه الاحساس " للمولف " بول تورنييه"

كتاب "هبة الإحساس: دور المرأة" للمؤلف بول تورنييه يتناول بعمق دور المرأة في المجتمع وتأثيرها الفريد من خلال طبيعتها العاطفية والإحساسية. يُبرز الكتاب قدرة النساء على التكيف مع عالم الرجال، مشيرًا إلى أنهن قد أثبتن كفاءة عالية في شغل وظائف كانت تقليديًا مقتصرة على الرجال. ومع ذلك، يُناقش تورنييه أن هذا التكيف لم يحل المشكلة الأساسية، بل يُشير إلى أهمية تنمية وتعزيز الصفات الفطرية للمرأة بدلاً من محاولة تكييفها مع معايير قد لا تتناسب مع طبيعتها.

الكتاب يُلقي الضوء على القيمة الجوهرية للإحساس والتعاطف التي تتميز بها النساء، ويُشدد على أن هذه الصفات ليست نقاط ضعف، بل هي هبات ثمينة تُساهم في بناء مجتمع أكثر إنسانية وتفهمًا. من خلال هذا المنظور، يدعو تورنييه إلى إعادة تقييم الأدوار التقليدية للجنسين والاعتراف بالقوة الكامنة في الصفات الإحساسية للمرأة.

يُعتبر هذا الكتاب دعوة للتأمل في كيفية تقدير المجتمعات للصفات الإنسانية المختلفة، وأهمية الاعتراف بالدور الفريد الذي تلعبه المرأة من خلال إحساسها وتعاطفها في تعزيز الروابط الإنسانية وبناء مجتمعات أكثر توازنًا وتفهمًا.

لنتحدث عن الكاتب "بول تورنييه "

بول تورنييه (Paul Tournier) كان طبيبًا وكاتبًا سويسريًا، وُلد في 12 مايو 1898 وتوفي في 7 أكتوبر 1986. اشتهر بعمله في مجال المشورة الرعوية، حيث دمج بين الجوانب الروحية والنفسية في رعاية المرضى، مما جعله يُعتبر من أبرز الأطباء المسيحيين في القرن العشرين.

وُلد تورنييه في سويسرا، وعانى من فقدان والديه في سن مبكرة، مما أدى إلى نشأته تحت رعاية عمه وعمته. في سن الثانية عشرة، اعتنق المسيحية وشارك بنشاط في أنشطة الكنيسة. درس الطب في جامعة جنيف، حيث حصل على شهادته الطبية وبدأ مسيرته المهنية كطبيب عام.

بعد ممارسته للطب العام، تحول تورنييه إلى تقديم المشورة الرعوية، حيث ركز على الجوانب الروحية والنفسية الاجتماعية في علاج المرضى. أسس "مجموعة طب الشخص" في عام 1940، والتي جمعت بين الأطباء والمعالجين لمناقشة النهج الشامل في العلاج. كتب العديد من الكتب التي تُرجمت إلى لغات متعددة، ومن أبرزها:

  • "معنى الشخص": يتناول فيه فهم الشخصية الإنسانية من منظور شامل.
  • "الأقوياء والضعفاء": يستعرض فيه التوازن بين القوة والضعف في النفس البشرية.

يُعتبر بول تورنييه رائدًا في دمج الجوانب الروحية والنفسية في الرعاية الصحية، مما ساهم في تطوير فهم أعمق للعلاقة بين الجسد والنفس والروح في مجال الطب.

فاسلوب المولف "بول بورنييه " في كتابه "هبه الاحساس"

في كتابه "هبة الإحساس: دور المرأة"، يعتمد بول تورنييه على أسلوب تحليلي عميق ومباشر، حيث يستند إلى خبراته كطبيب ومعالج نفسي. يُركز على دور المرأة في المجتمع، مُبرزًا قدرتها على التكيف مع عالم الرجال وشغل وظائف كانت تقليديًا مقتصرة عليهم. ومع ذلك، يُشير إلى أن هذا التكيف لم يحل المشكلة الأساسية، بل يدعو النساء إلى إعادة تقديم أنفسهن للحضارة الغربية الحديثة من خلال تعزيز العلاقات الشخصية والالتزام الشخصي، خاصة في ظل الجو الموضوعي الذي يميز هذه الحضارة.

يُشدد تورنييه على أهمية الانتقال من الموقف الموضوعي إلى الالتزام الشخصي، وهو ما قام به بنفسه في سن الرابعة والثلاثين، حيث اكتشف شكل العلاقة وكيف كان ذلك مفيدًا له وللآخرين، وساعد على توثيق العلاقات وفتح القلوب للتعبير عن أسلوب الحياة والمشاعر، وليس فقط ما نتعلمه في الكتب أو المدارس.

يُظهر أسلوب تورنييه في هذا الكتاب تقديرًا عميقًا للصفات الفطرية للمرأة، مثل الإحساس والتعاطف، ويُبرز كيف يمكن لهذه الصفات أن تُساهم في بناء مجتمع أكثر إنسانية وتفهمًا.

اليكم بعض من فصول كتاب "هبه الاحساس "

في كتاب "هبة الإحساس"، يناقش بول تورنييه عدة موضوعات تتعلق بالعلاقات الإنسانية ودور المرأة في المجتمع الحديث. إليك نبذة مختصرة عن الفصول التي طلبتها:

  • العلاقة الموضوعية والعلاقة الشخصية: يُبرز الفرق بين العلاقات الموضوعية، التي تعتمد على الحقائق والأمور المادية، والعلاقات الشخصية التي تقوم على المشاعر والارتباط الإنساني العميق. يشير إلى أن .العالم الحديث أصبح أكثر موضوعية، مما جعل العلاقات الإنسانية تفقد جزءًا من عمقها
  • عالم الأشياء وعالم الأشخاص: يوضح الكاتب الفرق بين "عالم الأشياء"، الذي يهتم بالماديات والتكنولوجيا والتقدم العلمي، و"عالم الأشخاص"، الذي يهتم بالمشاعر والعلاقات الإنسانية. يرى أن المجتمع الحديث يُعطي الأولوية لعالم الأشياء على حساب العلاقات، مما يؤدي إلى جفاف عاطفي يحتاج إلى تصحيح. وهو ما تستطيع المرأة تحقيقه من خلال طبيعتها العاطفية.
  • الحضارة الغربية منذ عصر النهضة: يستعرض كيف أثرت التغيرات الثقافية منذ عصر النهضة على العلاقات الإنسانية، حيث أدى التقدم العلمي والتكنولوجي إلى تراجع القيم الروحية والتركيز على الفردية والعقلانية. يؤكد أن هذا التحول جعل دور المرأة أكثر أهمية في إعادة التوازن إلى الحياة الحديثة، من خلال تعزيز العلاقات الشخصية والمشاعر في عالم يُفضل الحقائق والمنطق البارد.
  • تتمتع النساء بالإحساس بالشخص: يشير الكاتب إلى أن المرأة تتميز بقدرتها الفطرية على بناء علاقات شخصية قوية وفهم مشاعر الآخرين بعمق. هذا الإحساس الفريد يمنحها دورًا مهمًا في الحفاظ على الدفء العاطفي داخل الأسرة والمجتمع.
  • الخوف من العاطفة: يناقش تورنييه كيف أن بعض الأشخاص، سواء رجالًا أو نساءً، يخشون التعبير عن مشاعرهم العميقة خوفًا من الضعف أو الرفض. يوضح أن هذا الخوف يمكن أن يؤدي إلى برود في العلاقات، ويؤكد على أهمية تقبل العاطفة كجزء من التجربة الإنسانية.
  • النساء في البيت وفي العمل: يتناول التحديات التي تواجهها المرأة في تحقيق التوازن بين دورها التقليدي في الأسرة ومسؤولياتها المهنية. يسلط الضوء على الضغوط المجتمعية التي تجعل المرأة تشعر بأنها ممزقة بين المجالين، ويؤكد على ضرورة الاعتراف بقيمة كل دور دون التقليل من الآخر.
  • حالة المرأة: يستعرض الكاتب وضع المرأة في المجتمع الحديث، وكيف تغيرت نظرة العالم إليها مع تطور الأدوار الاجتماعية والثقافية. يناقش التناقضات التي تواجهها المرأة بين الحرية والاستقلالية وبين التوقعات التقليدية المفروضة عليها.
  • التردد: يتناول الفصل مشكلة التردد التي قد تواجهها المرأة عند اتخاذ قرارات مصيرية في حياتها، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. يشير إلى أن هذا التردد غالبًا ما يكون نتيجة الضغوط المجتمعية أو الصراع بين العاطفة والمنطق، ويشجع على تعزيز الثقة بالنفس في اتخاذ القرارات.

يمكن ترشيح كتاب "هبة الإحساس" لعدة فئات من القرّاء، منهم:

  • النساء المهتمات بتطوير ذواتهن – خاصة اللواتي يسعين لفهم أدوارهن في المجتمع والعمل والأسرة بشكل أعمق.
  • الأشخاص المهتمون بالعلاقات الإنسانية – سواء كانوا رجالًا أو نساءً، حيث يطرح الكتاب رؤى مهمة حول طبيعة العلاقات العاطفية والشخصية.
  • المعالجون النفسيون والمستشارون الأسريون – يمكنهم الاستفادة من تحليلات الكاتب حول العاطفة والخوف منها، والتوازن بين العاطفة والعقل.
  • المهتمون بالدراسات النسوية والاجتماعية – يناقش الكتاب تطور دور المرأة في المجتمع ويحلل التحديات التي تواجهها.
  • أي شخص يشعر بالتردد في اتخاذ القرارات أو يعاني من صراعات عاطفية – يساعد الكتاب في فهم مصدر هذه المشاعر وكيفية التعامل معها.

إذا كنت تبحث عن كتاب يعزز فهمك للعلاقات العاطفية وأهمية الإحساس في عالم يغلب عليه الطابع الموضوعي، فإن "هبة الإحساس" سيكون خيارًا رائعًا لك.

شارك هذا المقال

مقالات ذات صلة

التعليقات (0)

لا يوجد تعليقات حاليًا